لن ينجو أحدٌ من الدنيا إلّا إذا نجونا جميعًا

جيوم ديڤو

دكتور في الفلسفة وعضو المعهد الدومنيكيّ

icon-calendar الثلاثاء ١٢ ديسمبر ٢٠١٧

من المستحيل الإقرار بالتأكيدات الثلاثة التالية في ذات الوقت: «يريد الله نجاة كلّ البشر»، و«يوحي الله للبشر بطريق النجاة»، و«مَن لا يسير في هذا الطريق لا يمكن أن ينجو». إمّا أن الله يريد نجاة الجميع وفي هذه الحالة لا يمكن أن يفرض على البشر طريقًا واحدًا؛ إمّا أنّه يفرض طريقًا محدّدًا وفي هذه الحالة يخاطر الله بأنّ بعضًا من البشر لن يسير في هذا الطريق. وفي كلتا الحالتين مهما كان الطريق الموحى به فلن يكون إلّا لجماعةٍ معيّنة وفي زمنٍ معيّن مُدينًا بذلك مَن عاش قبل هذا الوحي الإلهيّ أو بعيدًا عنه.

يقدّم مؤّلف رسائل إخوان الصفاء، مَن يعتقد جيوم ديڤو أنّه اكتشف أنّه أحمد بن الطيّب السرخسيّ (ت ٨٩٩/٢٨٦)، حلًّا جديدًا في سياقٍ إسلاميّ. فبالنسبة له العالم مبنيٌّ على علاقات تكامليّة: لا يستطيع واحدٌ بمفرده جمع كلّ المهارات، ولكنّ معًا لدينا كلّ المهارات. هذا المبدأ من التكامل صالحٌ ليس فقط في الحياة الدنيا ولكنّ أيضًا في الآخرة: لن تتحقق النجاة بشكلٍ فرديّ إنمّا تتحقّق بشكلٍ جماعيّ، كلّ واحدٍ وفقًا لمعتقداته الدينيّة، لأنّ دخول الجنة يتجاوز ما يمكن لكلّ منا تحقيقه بفرده.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
WhatsApp

مستعصيّات على الترجمة

جيوم دڤو، ونبراس شحيّد، المفردات الفلسفيّة الأوروبّيّة: مستعصيّات على الترجمة: في الأخلاقيّات، بإشراف باربارا كاسان منشورات المعهد الفرنسيّ للشرق الأدنى، بيروت ٢٠٢٤، ٥٥٢ صفحة. يضمُّ هذا الكتاب مقالاتٍ حول مفاهيم أساسيّةٍ في مجال الأخلاق تُرجمت من «المفردات الفلسفيّة الأوروبّيّة»، وعددًا من الملاحق المضافة والمدرجة في الأفق الّذي تجوبه هذه المفردات. يؤكّد الكتاب المصدر في عنوانه الفرعيّ، «معجم المستعصيّات على الترجمة»، على طبيعة المقاربات المطروحة، إِذ يعبّر هذا الاستعصاء عن تعدّديّة لغويّة تعمل التَرجَمةُ عَلى صَونِها، لا بَل عَلى تَعزيزِها حينَ تَتَجاوَزُ البَحثَ عَن بَدائِلَ مُطابِقَةٍ لِلمَفاهيمِ في اللُغاتِ الَّتي نَشَأَت فِيها. مِن هٰذا المُنطَلَقِ، يَصيرُ مِن واجِبِ المُتَرجِمِ وَالمُتَرجِمَةِ في حقلِ الفلسفة التأَرجح بين ممكنات عدّة غير قابلة للإختزال في ترجمة واحدة مناسبة، ويصبح المستعصي على الترجمة، كما تقول الفيلسوفة باربارا كاسان، ما لا يمكن الإنتهاء من (لا) ترجمته. هي دعوة إِذًا إِلى الخروج مِمّا سمّيناه بالكآبَة الترجميّة الَّتي تتأتّى من وفاءٍ مطلق وهواميّ للنّصّ الأصليّ، كآبَة المترجم والمترجمة أمام استِحالة إِنتاج صنو لِلمصدر. وهِي دعوة إِلى استضافة المفاهيم في لغةٍ ستبقى غريبة على اللغة المترجم منها، على نحو تمنح فيه هذه الاستضافة المفاهيم المترجمة حيوات جديدة لا يمكِن توقّعها، وتصير اللغة المستقبلة مستقبل الفكرة الأَصل. انقر هنا لشراء الكتاب…

اقرا المزيد >>

التدميريّة تشكيليًّا: قراءاتٌ فلسفيّة في الفنّ السوريّ المعاصر

جيوم دڤو ونبراس شحيّد، التدميريّة تشكيليًّا: قراءاتٌ فلسفيّة في الفنّ السوريّ المعاصر، منشورات المعهد الفرنسيّ للشرق الأدنى، بيروت، ٢٠٢١، ٢٥١ صفحة. نقرأ في هذا الكتاب أحد عشر عملًا فنّيًّا من سوريا ما بعد ٢٠١١. لكن ماذا يستطيع أن يفعله عملٌ فنّيٌّ في بلدٍ مدمَّر؟ لسوء الحظّ، لا شيء تقريبًا… لكن أن نقول «لا شيء تقريبًا» لا يعني أن نقول «لا شيء»، فعلى الرغم من انهيار الآمال الكبيرة، يبقى على الفنّانين أن يبتكروا جماليّاتٍ خاصّة بعالمهم المحطّم، نراها مثلًا في فنّ الترسيمة المضادّة، وأسلوب القتامة الكلّيّة، وأشكال الانحطاط الطيفيّ الّتي يعملون عليها. ومع هذه الانزياحات الجماليّة، تقدّم أعمالهم أيضًا مبادئ لفعلٍ مفاجئ، إذ تطرح مساحةً لـ«حرتقة» ممكناتٍ جديدة، في واقعٍ يستهدف، أوّل ما يستهدف، فكرة الممكن بالذات. هكذا، يجرؤ الفنّ على اتّخاذ مواقف غير متوقعة تجاه المبدأ المدمِّر وتجاه أولئك الّذين يحلّ بهم هذا التدمير في وجودهم وأجسادهم وأشلائهم. لذا يشكّل الحدث الجماليّ في ذاته حدثًا أخلاقيًّا حين يعمل على خلخلة التماهي الّذي يسود مخيّلتنا الجريحة: تماهٍ مع واقعٍ تجلس فيه الوحوش على عروشها إلى الأبد، وفيه يفقد المظلمون كلّ كرامة، وتحرم ذكريات الموتى حتّى من بقايا أجسامهم ويستحيل فيه الحداد. من تقديم هبةٍ مستحيلة إلى ابتكار جثامين للموتى المغيّبين، مرورًا بتحويل المرذول إلى مقدَّس، يتأسّس هذا الفعل الأخلاقي الّذي نقاربه هنا من منظورٍ فلسفيّ. انقر هنا لشراء الكتاب…

اقرا المزيد >>

آفاق مستقبل الدراسات القرآنيّة في الغرب (من القرن الثاني عشر إلى القرن الثامن عشر الميلاديّين)

سنى بو أنطون طالبة دكتواره في جامعة السوربون الفرنسيّة icon-calendar الثلاثاء ١٠ نوفمبر ٢٠٢٠ إنّ الدراسات الغربيّة للقرآن الكريم لها تاريخٌ قديم للغاية يعود إلى القرن الثاني عشر الميلاديّ، وهو تاريخ مهمٌّ دراستُه من أجل فهم تحدّيّات الوضع الراهن بشكلٍ أفضل. تتضمّن هذه الدراسات الغربيّة للقرآن الكريم في الأساس ممارسة الترجمة المصحوبة بشروحٍ تتشابك فيها ملاحظاتٌ لغويّة واسعة النطاق مع محتوًى مثيرًا للجدل، وبذلك تشهد على العلاقة المتناقضة الموجودة بين الغرب والشرق، وبالتالي بين المتخصصّين الأوروبّيّين في اللغات الساميّة وبين القرآن الكريم. أثارتْ عدّة عوامل اهتمام العلماء في أوروبّا في العصور الوسطى بدراسة القرآن الكريم. اعتبر البعض في البداية أنّ اللغة العربيّة يمكن أن تساعدهم على فهم اللغة العبريّة واللغات الساميّة الأخرى بشكلٍ أفضل. بينما كان لدى البعض الآخر مشروعٌ لتبشير المسلمين. وأخيرًا أراد البعض منهم فهم الإسلام بشكلٍ أفضل، ومن ثمّ فسّروه تلقائيًا على أنّه بدعةٌ مسيحيّة. إذا كان القرآن الكريم، قبل القرن الثاني عشر، معروفًا في الغرب فقط من خلال عيون المسيحيّين الشرقيّين، فإنّ الترجمة اللاتينيّة لـروبرت كيتن في عام ١١٤٣ أتاحتْ الوصول المباشر إلى النصّ للباحثين الغربيّين. باستخدام لغةٍ لاتينيّة إنجيليّة رفيعة، واستنادًا إلى  التفاسير التراثيّة، مثل تلك الخاصّة بتفسير الطبريّ (ت. ٩٢٣/٣١٠)، فإنّ ترجمة روبرت كيتن كانتْ تهدف بالتأكيد لدحض القرآن، ولكن من خلال التعامل معه بجدّيّة. تغيّر الوضع في القرن الرابع عشر الميلاديّ مع فلاسفة الإنسناويّة في عصر النهضة، الّذين هم في علاقةٍ يسودها النزاع مع الإمبراطوريّة العثمانيّة، والّذين يصرّون على البُعد السياسيّ لشخصيّة النبيّ محمّد أكثر من إصرارهم على رسالته الأخلاقيّة والأخرويّة. كما أنّ فلاسفة النهضة الإنسانيّة يضعون اللغة العربيّة في المرتبة الثانية بعد اللغة العبريّة. قد تمّ نشر الترجمات الأولى باللغات الأوروبّيّة العاميّة للقرآن. تميل التيّارات المناهضة لرجال الدين والمناهضة للمسيحيّة الّتي تعود إلى القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديّين في أوروبّا إلى تقديم الإسلام على أنّه دينٌ أكثر عقلانيّة من المسيحيّة. أمّا بالنسبة للمكانة المهيمنة للغة العبريّة في الدراسات الساميّة، فقد دعّمتْها البروتستانتيّة. كما يكتب چون تولان، فإنّ الدراسات القرآنيّة في الغرب كانتْ قبل كلّ شيء مرآةً للمدارس الفكريّة الأوروبّيّة، بذلك تساؤلاتها بها واهتماماتها ونزاعاتها الداخليّة حول القضايا الخاصّة بالكتاب المقدّس والقضايا الدينيّة بشكلٍ عامّ.

اقرا المزيد >>